اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 304
تحققوا وتيقنوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ الموسوسين لضعفاء العوام الملبسين لهم طريق الحق بالتغريرات المبتدعة من تلقاء أنفسهم كالشيخوخة التي قد ظهرت في زماننا هذا وانما غرضهم ومعظم مأمولهم لَيَأْكُلُونَ ويأخذون أَمْوالَ النَّاسِ المنحطين عن زمرة اهل الحق والتحقيق بِالْباطِلِ اى بترويج الباطل الزائغ الذي قد ابتدعوها من تلقاء أنفسهم بلا مستند لهم وَيَصُدُّونَ اى يصرفون ويضلون باباطيلهم وتلبيساتهم ضعفاء الأنام عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي هو الإسلام تلبيسا عليهم وتغريرا لهم ليأخذوا الرشى منهم ويكنزوها وَلم يعلموا ان الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ اى يجعلونهما مخزونين محفوظين من أية ملة كانوا وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ طلبا لمرضاته فَبَشِّرْهُمْ يا أكمل الرسل بِعَذابٍ أَلِيمٍ مؤلم مفزع اذكر لهم
يَوْمَ يُحْمى اى حين توقد وتحرق عَلَيْها اى على تلك الذهب والفضة المخزونة المحفوظة نار مع انها هي موضوعة فِي نارِ جَهَنَّمَ أمدا وهذا مبالغة لشدة احمائه وبعد ما قد حميت الى ان صارت جذوة نار وأية نار فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ ليوسموا بها ويعلموا على رؤس الاشهاد جزاء ما افتخروا بها في النشأة الاولى وَجُنُوبُهُمْ ايضا ليتألموا بها أشد تألم بدل ما قد تلذذوا بها أشد تلذذ وَتكوى بها ايضا ظُهُورُهُمْ بدل ما قد كانوا يستظهرون بها ويتعاونون بسببها ويقال لهم حين الكي والتعذيب هذا ما كَنَزْتُمْ واختزنتم لِأَنْفُسِكُمْ لتنتفعوا بها وتسروا بجمعها وادخارها وهذا نفعها فَذُوقُوا اليوم وبال ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ بدل ما قد كنتم تتلذذون بها.
ثم قال سبحانه تعليما للمؤمنين وتنبيها على ما قد ثبت عنده سبحانه من الأيام والشهور لتتميم مصالحهم ومعاملاتهم إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ على ما ثبت عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ اى في حضرة علمه ولوح قضائه يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى حين اظهر سبحانه عالم الكون والفساد المقدر بمكيال الأيام والليالى المنقسمتين الى الشهور والأعوام والأسبوع والساعات إذ في أزل الذات لا صباح ولا مساء ولا صيف ولا شتاء ولا فصول الفصول ولا شهرة الشهور ولا عدة السنين ولا الأيام ولا الساعات فسبحان من تنزه عن مطلق التبدل والتحول وتقدس عن الظهور والبطون مِنْها اى من تلك الشهور المثبتة في كتاب الله أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ هي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم سميت بها لان الله تعالى سبحانه قد حرم فيها لعباده بعض ما قد أباح لهم في الشهور الاخر كرامة لها واحتراما ولهذا جعل رأس السنة وأول العام منها فعليكم ايها المكلفون ان تواظبوا فيها على الطاعات وتداوموا على الخيرات والمبرات وتجتنبوا عن الآثام والجهالات وأكثروا فيها الأعمال الصالحات وتوجهوا نحو الحق في جميع الحالات سيما في تلك الشهور المعدة للتوجه نحوه سبحانه ذلِكَ اى تحريم الشهور الاربعة الدِّينُ الْقَيِّمُ المستقيم الموروث لكم من ملة أبيكم ابراهيم وإسماعيل عليهما السّلام فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بالخروج عن مقتضى تحريمها وهتك حرمتها حتى لا تستحقوا عذاب الله ونكاله وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ فيها ان قاتلوكم ولا تبادروا ولا تسابقوا الى قتالهم فيها وفي غيرها بل ان بادروا على قتالكم قاتلوهم واقتلوهم كَافَّةً اى جميعا كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً بلا ترحم وتوقيت وَاعْلَمُوا ايها المؤمنون أَنَّ اللَّهَ المستوي على العدل القويم مَعَ الْمُتَّقِينَ الذين يحفظون نفوسهم عن هتك حرمة الله قد حرمها الله لحكمة ومصلحة لم يطلعكم عليها
إِنَّمَا النَّسِيءُ اى تأخير حرمة الشهر المحرم الى شهر آخر بدله من غير المحرمات زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ إذ خصوصية هذه الأشهر معتبرة في الحرمة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 304